موقف البلد

سيلعنكم التاريخ ولو بعد حين!


وسط أسوأ وأخطر أزمة تضرب البلد منذ سنوات، ووسط فراغ على مستوى معظم السلطات والإدارات، يذهب النواب إلى المجلس النيابي ويمارسون خفّة في التعاطي ما بعدها خفّة وليست مألوفة في أي بلد مهما بلغ به الدرك من أعماق.
وبعد تكرار المشهد بهذه الخفّة الممجوجة، يمكن ملاحظة ثلاثة أمور:
-    موقف الكتل والنواب المتوافقين على إسم ميشال معوض، الذي بغض النظر عن شخصه، إنما الوضوح والثبات على الخيار يدلّان على جدّية في التعاطي بما يتماشى مع أهمية الإستحقاق من جهة، واحترام المواطنين عمومًا والناخبين خصوصًا، من جهة ثانية.
-    تصرّف الكتل والنواب الذين يحضرون الجلسة الأولى من غير التوافق على إسم مرشح ويضعون ورقة بيضاء، ثم يُفقدون الجلسة نصابها في الدورة الثانية، ولا كأن البلد في أزمة. واللافت أنها القوى نفسها التي عطلت البلد لسنتين ونصف قبل انتخاب عون رئيسا، والقوى نفسها التي عطلت مجلس الوزراء. ونفسها أيضا التي عطلت التحقيق في انفجار مرفأ بيروت... وتدعو إلى الحوار معها للتوافق، فإلى أي توافق يدعون؟!
-    مراهقة قوى التغيير التي مرّةً وضعت إسم سليم إده ومرّةً لبنان الجديد ومرّةً عصام خليفة، والله أعلم إسم من ستضع في الجلسة المقبلة. وهذا إن دلّ على شيء فعلى خفّة في التعاطي مع قضايا مصيرية بهذا الحجم. وعلى استخفاف بقضايا ورأي وأوضاع من انتخبهم لإحداث التغيير في واقعه، لا لممارسة هوايات في غير زمانها ومكانها الصحيحين.
وانطلاقا من ذلك، لا بدّ بداية من الثناء على موقف من لهم موقف بين النواب ويسعون بقدر ما أوكل إليهم الناس أن يعملوا بثقتهم ويمثلونهم خير تمثيل. والثناء موصول للنائبين ميشال الدويهي ووضاح الصادق اللذين كانا صادقين مع نفسهما ومع من أولاهما ثقة التمثيل الصحيح.
وتاليا، ثمّة سؤالين سريعين... 
أولا للناس: فهل هذا ما توخيتمونه من المرشحين يوم انتخبتموهم فيعملوا على أخذ البلد إلى الفراغ بعدما أخذته سياسات من يوالون إلى الخراب، أم لاحترام الإستحقاقات والحفاظ على المؤسسات؟ 
وثانيا للنواب: هل حصل مثيل ما تمارسونه مرّة في العالم أن يأتي ممثلو الأمة إلى البرلمان ولا ينتخبون ثم يغادرون لإفقاد النصاب؟ وهل هذه ديمقراطية وتوافق ووفاق أن أقتادك إلى النار وأخيّرك بين الإرتماء فيها أو في حضني ولا خيار ثالث غيرهما؟
يا سادة التعطيل إن لم يستفق ناخبوكم ويلعنوكم فطبعا سيلعنكم التاريخ ولو بعد حين!