في لبنان، تشهد الحريات العامة، ولا سيما حرية الصحافة والتعبير، ضغوطًا متزايدة، خاصة مع استمرار الحملات الممنهجة ضد الصحافيين والمفكرين الذين ينتقدون سياسات “حزب الله”. هذه الحملات، التي تقودها جهات إعلامية مرتبطة بالحزب مثل جريدة “الأخبار”، ومدعومة بتصريحات المسؤول الإعلامي ل”حزب الله” محمد عفيف، تستهدف شخصيات ومؤسسات إعلامية بارزة في البلاد.
استهداف الصحافيين والمؤسسات
الحملات بدأت باستهداف صحافيين مثل مريم مجدولين، التي تعرضت لهجوم شرس بسبب آرائها وانتقاداتها للحزب. الهجمات طالت سمعتها الشخصية والمهنية، حيث وُجهت لها اتهامات بالعمل لصالح أجندات خارجية تهدف إلى تقويض “المقاومة” اللبنانية. هذه الحملة لم تكن منعزلة، بل شكلت جزءًا من هجمة أوسع طالت العديد من الصحافيين الذين يعملون في مؤسسات إعلامية كبرى مثل “العربية”، “الحدث”، “سكاي نيوز عربية”، و”MTV”، الذين تتعرض مؤسساتهم أيضًا لاتهامات، بأنها أدوات إعلامية لدول إقليمية معادية ل”حزب الله”.
الهجوم على عليا منصور
عليا منصور، كاتبة لبنانية وصحافية معروفة بآرائها الجريئة، كانت أيضًا من ضمن الشخصيات التي استهدفتها جريدة “الأخبار”. مقالات عديدة نُشرت بهدف تشويه سمعتها، واتهامها بترويج سياسات خارجية معادية للحزب. هذه الحملات التي طالت منصور ليست سوى امتداد لنفس النهج، الذي يتبعه الإعلام الموالي ل”حزب الله” ضد كل من يعبر عن موقف مخالف أو ناقد.
حازم صاغية و”شيعة السفارة”
ربما يكون حازم صاغية، الكاتب والمفكر اللبناني المعروف، من أبرز الشخصيات التي تعرضت لهذه الهجمات. صاغية، الذي يعبر علنًا عن معارضته لدور “حزب الله” في السياسة اللبنانية، يواجه حملة تشويه متواصلة من جريدة “الأخبار”، التي تتهمه بأنه جزء من “شيعة السفارة”، وهو مصطلح يُطلق ازدرائيًا على الشيعة الذين ينتقدون “حزب الله” أو يعبرون عن مواقف مستقلة عنه. إلى جانب صاغية، هناك شخصيات أخرى تعرضت لنفس الاتهامات، حيث يُصورون بأنهم عملاء للسفارات الأجنبية، خاصة السفارة الأميركية، وهي تهمة شائعة تستخدم لإسكات أي صوت معارض داخل الطائفة الشيعية.
دور محمد عفيف و“الأخبار”
محمد عفيف، بدوره، دافع عن هذه الحملات، معتبرًا أن الهجوم على الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية المعارضة، هو رد طبيعي على ما أسماه بـ”الحرب الإعلامية” التي تستهدف “حزب الله”. في تصريحاته، أشار عفيف إلى أن هذه المؤسسات الإعلامية لا تمثل الصحافة الحرة، بل تعمل بتوجيهات من دول خارجية، تهدف إلى تشويه صورة “المقاومة” في لبنان.
جريدة “الأخبار”، التي تعتبر منبرًا إعلاميًا رئيسيًا يدافع عن سياسات الحزب، لعبت دورًا محوريًا في قيادة هذه الحملة ضد الصحافيين والمفكرين. المقالات التي تُنشر بشكل دوري تستهدف تشويه سمعة هؤلاء المثقفين والصحافيين، وخلق صورة أنهم عملاء للخارج يسعون للنيل من “حزب الله”.
تهديد الحريات في لبنان
الحملات الإعلامية الموجهة ضد الصحافيين، والمؤسسات الإعلامية المستقلة، تشكل تهديدًا خطيرًا على الحريات في لبنان. استهداف الصحافيين والمفكرين لا يقتصر على التشهير، بل يهدف إلى خلق مناخ من الترهيب، يجعل الصحافيين والمفكرين، يترددون في التعبير عن آرائهم بحرية. هذا التهديد المستمر يحد من التنوع الإعلامي والفكري، الذي لطالما كان جزءًا من نسيج المجتمع اللبناني.
أهمية دعم الحريات في لبنان
في ظل هذه التحديات المتزايدة، يصبح الدفاع عن حرية التعبير والصحافة في لبنان، أمرًا بالغ الأهمية. المجتمع المدني اللبناني، وكذلك المنظمات الدولية المعنية بحرية الصحافة، يجب أن يلعبوا دورًا أكبر في حماية الصحافيين والمفكرين الذين يتعرضون للهجمات. كذلك، يجب تعزيز التضامن مع المؤسسات الإعلامية المستقلة، التي تتعرض لضغوط متزايدة، ودعمها للوقوف في وجه الحملات الممنهجة، التي تسعى إلى إسكات الأصوات المعارضة.
الحفاظ على حرية التعبير في لبنان، يتطلب مواجهة هذه الحملات الإعلامية الشرسة، وضمان أن يظل الصحافيون والمفكرون، قادرين على ممارسة دورهم النقدي، دون خوف من التشويه أو الانتقام. لبنان الذي لطالما عُرف بتعدديته الفكرية والإعلامية، يحتاج إلى حماية هذه المكتسبات، من القوى التي تسعى لفرض هيمنتها على الرأي العام.
جاد الأخوي | جنوبية


