رغم مرور سنوات على إقرار حق اللبنانيين المنتشرين في الخارج بالاقتراع، لا يزال التصويت الشامل لهم لانتخاب كامل أعضاء البرلمان (128 نائباً) مجمدًا ومعلقًا عند أبواب التعديلات القانونية التي يصر البعض على عرقلتها، من بين أبرز هذه القوى، يبرز رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي لا يُخفي رفضه القاطع لأي تعديل يتيح للاغتراب اللبناني حق التمثيل الكامل والعادل.
بري، الذي أطلق مواقف علنية تشدد على إجراء الانتخابات في موعدها وفق القانون الحالي، يُظهر في المقابل تمسكًا غريبًا بصيغة انتخابية لم تعد تعبر عن حقيقة التوازن الشعبي ولا تحترم المبدأ الديموقراطي بالمساواة في التمثيل، بالتالي بدل الانفتاح على المطالب المحقة للمغتربين، يُصر بري على الالتفاف المقونن على مشاركة المغترب في إعادة إنتاج السلطة.
وبحسب ما تؤكده معلومات خاصة لموقع "kataeb.org"، فإن غالبية الكتل النيابية، والقوى السيادية وبعض المستقلين، باتت ترى أن فتح الباب أمام جلسة تشريعية يجب أن يكون مشروطًا ببند أساسي، تعديل قانون الانتخاب لضمان مشاركة شاملة للمغتربين في اختيار كل أعضاء البرلمان، لا حصرهم بستة نواب فقط.
أما الكتل التي ترفض هذا الطرح، فهي بمعظمها من القوى التقليدية التي تخشى تراجع شعبيتها خارج حدود الدوائر المصنفة مضمونة، وفي طليعتها الثنائي الشيعي، فالمعطيات الانتخابية تشير إلى تصاعد الغضب في صفوف جزء من القواعد الشعبية، لا سيما في بيئة حزب الله وحركة أمل، نتيجة تدهور الأوضاع المعيشية، وغياب أفق الحلول، واحتكار القرار السياسي والعسكري.
وفي هذا السياق، لا يمكن فصل هجوم نبيه بري الأخير على حكومة الرئيس نواف سلام عن الحسابات الانتخابية البحتة. فاتهاماته المتكررة للحكومة بالتقصير تجاه الجنوب، وخصوصاً في ملف الإعمار، تتجاهل عن قصد أن المعرقل الفعلي هو الحزب، الحليف الأول لبري، والذي يرفض تسليم سلاحه أو القبول بأي خطة لإعادة بناء ما دُمرته مغامراته العسكرية.
مصدر نيابي سابق كشف لـ"kataeb.org" أن تصعيد بري ليس وليد صدفة، بل هو جزء من حملة مبكرة لإعادة تعويم دوره في الجنوب، حيث تتراجع ثقة الناس بقدرة الثنائي على تمثيل مصالحهم الحقيقية، ولأن تعديل قانون الانتخاب لصالح المغتربين يُشكل تهديدًا مباشرًا لحصته النيابية، يُسارع بري إلى إقفال الباب أمام أي نقاش جدي بهذا الاتجاه.
ويقول في خلاصة حديثه: إن رفض بري لأي تعديل يُنصف صوت المغترب، ليس مسألة قانونية أو تقنية، بل خشية من انقلاب سياسي في صناديق الاقتراع يبدل موازين القوى، خصوصاً في البيئة التي اعتاد أن يضمن فيها مقاعده دون منازع، ولهذا، فإن الضغط من قبل القوى السيادية وفي طليعتها حزب الكتائب اللبنانية والمجتمع المدني يجب أن يبقى مركزاً على هذا الخلل الفاضح، لأن تصحيح التمثيل يبدأ من فتح الباب أمام كل لبناني، في الداخل والخارج، لاختيار من يمثله بحق.
المصدر: Kataeb.org
الكاتب: شادي هيلانة
