محليات

زيارة سورية رفيعة إلى بيروت… إعادة تفعيل العلاقات والتعاون الأمني والاقتصادي بين البلدَيْن!



في خطوةٍ تعكس تحوّلًا في مسار العلاقات اللبنانية – السورية، وصل إلى بيروت وزير خارجية الجمهورية العربية السورية أسعد الشيباني على رأس وفدٍ رسميّ رفيعٍ، في زيارة تستمر يومًا واحدًا تلبية لدعوة وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجّي. وتأتي هذه الزيارة بعد قرار دمشق تعليق العمل في المجلس الأعلى اللبناني – السوري، في مؤشر إلى توجّه جديد نحو تفعيل العلاقات بين البلدين عبر القنوات الدبلوماسية الرسمية.

وصل الوزير الشيباني والوفد المرافق صباحًا إلى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، وضم الوفد وزير العدل مظهر اللويس، ورئيس جهاز الاستخبارات السورية حسن السلامة، ومساعد وزير الداخلية اللواء عبد القادر طحان، إلى جانب وفد سياسي، في زيارة رسمية ليوم واحد.
استقبله في المطار مديرة المراسم في وزارة الخارجية اللبنانية السفيرة رلى نور الدين، والقنصل رودريغ خوري، والقائم بالأعمال في السفارة السورية علي دغمان.

توجّه الوزير الشيباني والوفد مباشرة إلى وزارة الخارجية اللبنانية، حيث استقبله الوزير يوسف رجّي، قبل الانتقال إلى القصر الجمهوري للقاء رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، ومن ثم إلى السراي الحكومي للقاء رئيس الحكومة نواف سلام.

وصرح وزير الخارجية يوسف رجّي بعد لقائه نظيره السوري: “أرحب به من كل قلبي، وهي صفحة جديدة فُتحت بين لبنان وسوريا ونتمنى أن تكون بادرة خير. الزيارة لم تحصل سابقًا لأسبابٍ تقنيةٍ ولوجستية. هناك التزام من الجهتَيْن السورية واللبنانية واحترام للدولة اللبنانية مع عدم التدخل بشؤونها، وهذا مسار إيجابي. اتفقت مع الوزير الشيباني على إقامة لجان لمعالجة كلّ الأمور العالقة، والعلاقات أصبحت مباشرة بين دولتَيْ لبنان وسوريا من خلال الأطر الدبلوماسية”.

من جهته، قال وزير الخارجية السورية أسعد الشيباني: “نحترم سيادة لبنان ولا نتدخل بشؤونه، وهناك فرصة سياسية واقتصادية لنقل العلاقة مع لبنان إلى مرحلة جديدة. نريد تجاوز عقبات الماضي، وكنّا ضحايا سوء إدارة سياسية بين البلدين. هذه الزيارة تُعبّر عن توجّه سوريا الجديد تجاه لبنان”.

ثم استقبل رئيس الجمهورية جوزاف عون في قصر بعبدا الوزير الشيباني الذي أكد أن “سوريا تعيش مرحلةً من التعافي وإعادة الإعمار، وهذا يجب أن ينعكس إيجابًا على لبنان وعلى العلاقات الأخوية والتاريخية بين البلدَيْن. نتوقع حلّ كل الأمور التي تُعيق انفتاح العلاقات بين البلدين بما يعود بالمنفعة على الشعبَيْن. هناك مواضيع تهمّ الجانب السوري ومواضيع تهمّ لبنان، ووضعت كل المواضيع على طاولة النقاش لتجاوز الماضي. بعد زوال سبب النزوح، نتوقّع حلّ هذا الموضوع تدريجيًا، وهناك خطط نناقشها بدعم دولي لعودة كريمة ومُستدامة”.

وأبلغ الرئيس عون الوزير الشيباني بأنّ لبنان يتطلّع إلى تعزيز العلاقات على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتفعيل التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية بما يحقّق الاستقرار. وقال: “تعميق العلاقات الثنائية بين لبنان وسوريا يتمّ من خلال لجان مشتركة تبحث كلّ الملفات العالقة، وأهمّها الاتفاقيات بين البلدَيْن التي تحتاج إلى إعادة تقييم. القرار السوري بتعليق العمل في المجلس الأعلى اللبناني – السوري يستوجب تفعيل العلاقات الدبلوماسية، وننتظر تعيين سفير سوري جديد لمتابعة كلّ المسائل من خلال السفارتَيْن في دمشق وبيروت. أمامنا طريق طويل، ومتى صفت النوايا، فإنّ مصلحة بلدَيْنا الشقيقَيْن تسمو على كل الاعتبارات. الوضع على الحدود بات أفضل من السابق، والمسائل التي تستوجب المعالجة أبرزها الحدود البرية والبحرية، وخط الغاز، وموضوع الموقوفين”.

كما التقى الشيباني رئيس الحكومة نوّاف سلام في السراي، مؤكدًا ضرورة تسريع قضية الموقوفين السوريين في سجن رومية، وضبط الحدود بما يعزّز الأمن والاستقرار، وتعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي، وعقد لجان تقنية واقتصادية لتنشيط الاستثمار والاقتصاد في القطاعَيْن العام والخاص.
عُقد في السراي الحكومي اجتماع بين المدير العام للأمن العام اللواء حسن شقير ومساعد وزير الداخلية السوري للشؤون الأمنية اللواء عبد القادر طحان، واجتماع بين مدير المخابرات في الجيش اللبناني العميد الركن طوني قهوجي ورئيس جهاز الاستخبارات السوري حسين السلامة.

تأتي زيارة الوزير الشيباني إلى بيروت في توقيت حساس، يعكس رغبةً متبادلةً في إعادة بناء العلاقات الثنائية على أسس جديدة تقوم على الاحترام والسيادة والتعاون المؤسسي بعد مرحلة طويلة من التعقيدات السياسية والجمود الدبلوماسي.