صحافة

أين يتجه لبنان بعد غزة... وماذا رسمت له أميركا؟



كان لبنان الثاني بعد سوريا، الذي عليه ان يسلك طريق "اتفاقات ابراهام"، التي وقعت عليها دول عربية، ولن يكون لبنان خارجها، هذا ما اعلنه الموفد الاميركي الى لبنان توم برّاك، وقبله الممثل الشخصي للرئيس الاميركي ستيف ويتكوف، الذي اكد قبل نحو عام بان سوريا ولبنان سيكونان الدولتين اللتين ستقيمان سلاماً مع العدو الاسرائيلي.

فما حصل في غزة، من بداية لتطبيق خطة الرئيس الاميركي دونالد ترامب، التي نال عليها رضى دول عربية واسلامية، والذي اكد على "ان السلام سيعم كل منطقة الشرق الاوسط"، وقدم نفسه "كرجل سلام لا حرب"، وسعى ليحصل على "جائزة نوبل للسلام" لهذا العام، لكن الشروط والمواصفات لم تنطبق عليه، وان نموذج غزة الذي قدمه لا يقيم السلام في المنطقة، ولا ينهي حروبها مع "مشروع اسرائيلي" توسعي استيطاني يمارس الابادة الجماعية، ويرتكب المجازر ما قبل اغتصاب فلسطين عام 1948 وبعدها، تؤكد مصادر ديبلوماسية، التي تشير الى ان رئيس حكومة العدو الاسرائيلي، رفع خارطة "اسرائيل الكبرى"، واكد انه يعمل لها، ويلقى تشجيعاً من ترامب نفسه، الذي ابلغه بانه لن يقبل ان تبقى "اسرائيل صغرى".

من هنا، فان "السلام المزعوم" الذي تحدث عنه ترامب، وقبله رؤساء اميركيون، والاتفاقات التي عقدت حوله، لم تمنع "اسرائيل" من الاستمرار في مشروعها التهويدي لفلسطين، وضم الاراضي وبناء المستوطنات في الضفة الغربية، التي سبق لترامب وفي "صفقة القرن" التي اعلنها 2018، حيث ضمّنها الاعتراف بضم الضفة الغربية والجولان السوري والقدس عاصمة للكيان الصهيوني. وما قاله ترامب عن غزة بانه سيحولها الى "ريفييرا الشرق الاوسط"، هذا هو مشروعه الاصلي لها، باخراج سكانها منها، وان كانت خطته لم تلحظ ذلك، لكن في التطبيق، سيتبين مشروعه الحقيقي تقول المصادر، فهو يخدع الجميع، وستظهر خدعته، عند محاولة تطبيق حل الدولتين الذي ايدته نحو 154 دولة في الامم المتحدة، وعارضته اميركا، ولا يعترف" الكنيست الاسرائيلي" الا بوجود دولة يهودية واحدة، فاصدر قانونا بها.

فالخديعة اليهودية مستمرة، والانظمة العربية تروج لها، وآخرها ما يتم في غزة التي صمدت بوجه العدون الاسرائيلي لمدة عامين، ولم يحقق كامل اهدافه سوى التدمير والقتل والتهجير. وهي نكبة اكبر واقسى من تلك التي حصلت في العام 1948، والحروب الاسرائيلية الاخرى، حيث نال لبنان منها في حروب "اسرائيل" عليه، وابرزها في اعوام 1978 و1982، و1993 و1996 و2006 و2023، وما زالت قائمة مع بقاء الخروقات الاسرائيلية لاتفاق وقف اطلاق النار في 27 تشرين الثاني 2024، وان لبنان هو الدولة الوحيدة التي تحررت ارضها بالمقاومة، ورفضت اتفاق سلام مع "اسرائيل".

وبعد غزة التي سيكون يومها التالي اقامة وصاية دولية عليها، والانصياع للشروط الاسرائيلية بان يكون القطاع منزوع السلاح، ولا وجود لحركات المقاومة فيه، فان لبنان ستفرض عليه اميركا ما خططت له لغزة، والتي ساندها حزب الله في لبنان، وواكبته ساحات اخرى في "محور المقاومة". والمطروح على لبنان اميركيا التجاوب مع شروطها، بنزع سلاح حزب الله ضمن فترة زمنية، لا تقبل الادارة الاميركية ان تتعدى نهاية العام الحالي، وهي كانت تريد ان يكون التنفيذ حصل قبل اشهر، حيث تبلغ المسؤولون اللبنانيون من واشنطن، ان الوقت يضيق على لبنان، وعليه لتشكيل لجان تبدأ في المفاوضات مع العدو الاسرائيلي، وكانت الموفدة الاميركية مورغان اورتاغوس حددتها بثلاث لجان، وتعليق عمل اللجنة العسكرية الخماسية المشرفة على تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار.

فالاشهر الثلاثة المتبقية من السنة ستكون حاسمة في لبنان، الذي عليه ان يختار بين استمرار الحرب وربما توسعها، او السلام وفق ما تكشف المعلومات التي تشير الى ان ترامب سيقدم خطة الى لبنان على غرار غزة، وسيرسل موفداً عنه الى لبنان، قد يكون براك او شخص آخر، ربما ويتكوف مع صهره جاريد كوشنير، اللذين دبرا خطة ترامب لغزة، وكلاهما من رجال مال واعمال. وسبق للادارة الاميركية ان سربت معلومات عن "منطقة اقتصادية" ستنشأ في مناطق الحافة الامامية مع فلسطين المحتلة في جنوب لبنان.

كمال ذبيان -الديار